إدانة عباس لعملية تل أبيب.. توثيقٌ للتعاون الأمني ومعارضةٌ للمزاج الشعبي
محمد أبو شحمة
يصر رئيس السلطة محمود عباس على توثيق حالة تماهي سلطته وأجهزتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وضرب الإجماع الوطني حول المقاومة، ومعارضة المزاج الشعبي الذي يهتف باسمها، بمسارعته إلى إدانة العملية الفدائية التي نفذها الشهيد رعد حازم في شارع “ديزنغوف” في (تل أبيب) الخميس الماضي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ كشفت القناة 12 العبرية أن حكومة الاحتلال بعثت برسالتين إلى عباس عبر الإدارة الأمريكية عقب عملية (تل أبيب) تطلب منه وقف دفع راتب التقاعد الخاص بوالد منفذ العملية، وذلك ردا على خطابه أمام بيته الذي نعى فيه ابنه الشهيد. كما طلب الاحتلال في رسالته الثانية من السلطة القيام بعملية واسعة النطاق في جنين بالضفة الغربية المحتلة للسيطرة على المقاومين فيها، وذلك قبل إقدام الاحتلال على تنفيذ اقتحام عسكري كبير في منطقة شمال الضفة.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن عباس يريد من خلال إدانته واستنكاره لعملية (تل أبيب) الأخيرة والعمليات الفدائية التي سبقتها الحفاظ على علاقاته مع الاحتلال، والدعم الغربي لسلطته. ويقول الصواف في حديثه لصحيفة “فلسطين” إن عباس لم يكن يوما مع توجهات الشعب الفلسطيني، بل هو متعاون مع الاحتلال، ومن الطبيعي أن يعلن عن إدانته للعملية الفدائية، معتبرا أن ما يقوم به يؤكد أنه يريد بقاء اليهود في فلسطين المحتلة، ويعتبر الاعتداء عليهم كالاعتداء عليه.
ولم يستبعد أن يقدم عباس على قطع راتب والد منفذ عملية (تل أبيب)، لكونه سبق وقطع رواتب الأسرى والشهداء، عدا عن حرمانه الفقراء والمحتاجين من مستحقات الشؤون الاجتماعية. ويوضح أن عباس يسعى لإرضاء الاحتلال بكل الوسائل التي يمتلكها، لذلك سينفذ ما يطلب منه، مضيفا أن “الناس تعلم أن عباس باع نفسه للشيطان وهو يدافع عن الاحتلال ويتعاون معه، وسبق أن سلّم مقاومين، وقدم المعلومات عنهم، فذلك أساس وجوده، لذلك لن ينحاز لشعبه”.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو شباب أن عباس من خلال إدانته لعملية (تل أبيب) يؤكد انسلاخه عن الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنه لم يكد يمر أسبوع على إدانته عملية (تل أبيب) الأولى حتى خرج لإدانة العملية الثانية. ولفت أبو شباب في حديث لـ”فلسطين” إلى أنه في الوقت الذي عمت فيه الفرحة قلوب الفلسطينيين في الداخل والخارج، وباركت فصائل المقاومة هذه العملية واعتبرتها ردا طبيعيا على جرائم الاحتلال، نجد عباس يدين العملية، ليتجرد بذلك بشكل كامل من كل القيم الوطنية التي يفترض أن يتحلى بها رئيس شعب يرزح تحت الاحتلال، وقد كفلت كل القوانين والأعراف الدولية حقه في المقاومة.
ولم يستبعد استجابة عباس لسلطات الاحتلال بقطع راتب والد الشهيد التقاعدي، خاصة أن ذلك ليس غريبًا عليه، إذ سبق وقطع رواتب آلاف الموظفين بعد أحداث الانقسام، منبها إلى أن عباس وسلطته يدركان أن بقاءهما مرتبط بالتعاون الأمني مع الاحتلال، لذلك يواصل إدانة العمليات. واعتبر الباحث والكاتب السياسي عبد الله سلامة إدانة عباس لعملية (تل أبيب) لم تكن مفاجِئة لكثير من المراقبين، كونها جاءت لتؤكد مبدأ ثابتًا في عقيدة رئيس السلطة ونهجه السياسي. ورأى سلامة في حديثه لـ”فلسطين” أن سياسة عباس لم تكن في لحظة متوافقة مع نهج المقاومة ولو بشكل سطحي، وهو مع الرفض المطلق لكل أشكال الدفاع عن النفس في مواجهة مشاريع القتل والتصفية للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن تصريح الإدانة وإن بدا منتقى الكلمات يُدين قتل المدنيين من كلا الطرفين، لكنه يعني المساواة على أقل تقدير بين الجلاد والضحية، إذ غاب عنه ألا وجه للمقارنة بين شعبنا ومستوطني الكيان بأي حال، محذرا من أن تصريح الإدانة يفتح الباب على مصراعيه أمام التساوق العربي والإسلامي مع الاحتلال في تجريم المقاومة المكفولة بالقانون الدولي، وتعطي غطاءً من الشرعية لإمعان الاحتلال في إجرامه وتصعيده للعدوان ضد الشعب الفلسطيني.
المصدر: فلسطين اون لاين