صحيفة إيرانية: حافظ الأسد سلم الجولان وابنه بشار أغرق سوريا في الحرب
تواجه إيران موقفًا معقدًا.. وعليها إعادة النظر في سياساتها تجاه سوريا للحفاظ على مصالحها
بشار الأسد وحيدا.. قراءة في المشهد السوري المتغير
ترجمة: البابور العربي
شهدت سوريا في العقود الخمسة الماضية أحداثًا متشابكة، حيث تحكمت عائلة الأسد بمصير البلاد منذ تولي حافظ الأسد السلطة قبل 54 عامًا، ثم انتقال الحكم إلى ابنه بشار الأسد. لكن الفوضى والاضطراب الذي عصف بسوريا خلال السنوات الأخيرة زاد من عزلة نظام الأسد وسط متغيرات إقليمية ودولية ترسم ملامح جديدة لمستقبل البلاد.
إرث الأب والابن: الجولان والحرب الأهلية
ورث بشار الأسد إرثًا سياسيًا معقدًا من والده حافظ الأسد، الذي سلّم مرتفعات الجولان لإسرائيل دون استعادتها. أما الابن، فقد أغرق سوريا في حرب داخلية بعد الربيع العربي عام 2011. حربٌ طاحنة خلّفت آلاف القتلى والجرحى، وملايين النازحين. ولا تزال سوريا تحمل جروحًا عميقة جراء الصراع بين نظام الأسد وتنظيم داعش، وهي جروح تُبرز عجز النظام عن توحيد البلاد أو تحقيق السلام.
تصعيد جديد في ديسمبر
في السابع من ديسمبر، ومع توقيع وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ساد جو من الهدوء في لبنان، حيث عبر اللبنانيون عن فرحتهم بالاتفاق. لكن الهجوم المفاجئ الذي شنّته هيئة تحرير الشام على مناطق في محافظتي حلب وحماة صدم الجميع. هذا التصعيد أثار قلق إيران وروسيا وحزب الله، وأعاد فتح النقاش حول مستقبل نظام الأسد.
الهجوم، الذي وصف بأنه منظم ومدروس، أدى إلى سيطرة المتمردين على مدن حلب وحماة، مع تقدمهم نحو مدينة حمص الاستراتيجية. المواجهات الحالية تدور على بعد خمسة كيلومترات فقط من المدينة، حيث تقاتل القوات الموالية للنظام ضد المتمردين الذين يسعون لتغيير موازين القوى.
دور إيران وروسيا في المشهد السوري
إيران، الداعم الرئيسي لنظام الأسد، تواجه تحديات كبيرة. فهي محاطة بعقبات إقليمية ودولية، من بينها العراق الذي يعارض دعمها الكامل للنظام، وإسرائيل التي تستهدف تحركاتها. كما أن الحشد الشعبي العراقي، الذي يعتبر أحد أذرع إيران في المنطقة، يعاني من عقبات تمنعه من التدخل في سوريا. من بين هذه العقبات سيطرة المعارضة السورية على مدينتي البوكمال ودير الزور، بالإضافة إلى معارضة رئيس الوزراء العراقي وآية الله السيستاني لأي تدخل لصالح الأسد.
أما روسيا، التي لعبت دورًا حاسمًا في إنقاذ نظام الأسد عام 2016، فهي اليوم منشغلة بالحرب في أوكرانيا وصراعها مع الغرب، مما قلل من قدرتها على تقديم الدعم المباشر لنظام دمشق. في خطوة تعكس حجم القلق الروسي، أصدرت موسكو أوامر لمواطنيها بمغادرة سوريا، مما يشير إلى تخوفها من تفاقم الأوضاع.
التغير في التحالفات الإقليمية والدولية
في المقابل، يلعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دورًا نشطًا في دعم المتمردين السوريين، حيث دعاهم إلى مواصلة التقدم نحو دمشق. هذه التحركات تؤكد أن ميزان القوى في الشرق الأوسط يشهد تحولًا جذريًا، مع تراجع نفوذ إيران وروسيا وحزب الله لصالح تحالفات جديدة تضم إسرائيل، الولايات المتحدة، أوروبا، وعددًا من الدول العربية.
إيران بين الخيارات الصعبة
في ظل هذه المتغيرات، تواجه إيران موقفًا معقدًا. عليها إعادة النظر في سياساتها تجاه سوريا للحفاظ على مصالحها، خاصة بعد انهيار العديد من رموز النظام في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مثل إسقاط تماثيل حافظ الأسد. أي تأخير في تغيير النهج قد يضع إيران في موقف أضعف في معادلة الشرق الأوسط المتغيرة.
ختام المشهد
الوضع في سوريا اليوم يشير إلى عزلة متزايدة لنظام بشار الأسد، مع انحسار الدعم من حلفائه التقليديين وتغير المعادلات الإقليمية والدولية. يبقى المستقبل غامضًا، لكن الواضح أن نظام الأسد يواجه تحديات غير مسبوقة قد تكون حاسمة في رسم ملامح المشهد السوري في السنوات القادمة.
المصدر: صحيفة ستاره صبح الايرانية + موقع روزنو