الهندوس يبيدون المسلمين بصمت.. موجة هجرة غير مسبوقة لمسلمي الهند
تنامي العنف الطائفي وخطابات الكراهية ضد المسلمين
قصص مسلمين هنود فقدوا الشعور بالانتماء والأمان في بلاد يسيطر عليها الهندوس المتطرفون
البابور العربي – متابعات
تشهد الهند موجة هجرة كبيرة بين صفوف المسلمين، الذين يشكلون حوالي 15% من سكان البلاد، بسبب تصاعد السياسات التمييزية، لا سيما منذ تولي حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الحكم في عام 2014.
سياسات ممنهجة وتمييز علني
أصبحت السياسات التمييزية ممنهجة بحق المسلمين، وتضمّنت انتهاكات خطيرة مثل الإعدامات خارج نطاق القانون، والتحريض العلني من شخصيات سياسية، والتمييز في أماكن العمل، وارتفاع معدلات الإسلاموفوبيا، وفقاً لتقرير نشره موقع Middle East Eye.
ويُظهر تحليل لمركز “بيو” للأبحاث أن الهند تُعدّ ثاني أكبر مصدر للمهاجرين المسلمين في العالم بعد سوريا. فحالياً، يعيش نحو 6 ملايين مسلم هندي في الخارج، ما يشكّل حوالي 33% من إجمالي المهاجرين الهنود، وهو معدل يفوق بكثير نظراءهم من الطوائف الدينية الأخرى.
تصاعد القومية الهندوسية
تزايدت حدة القومية الهندوسية في عهد حزب “بهاراتيا جاناتا”، وترافقت مع تنامي العنف الطائفي وخطابات الكراهية. المسلمون في الهند يواجهون تحديات متزايدة، مثل الإعدامات بسبب ذبح الأبقار، وقيود على الزواج بين الأديان، والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن التضييق على التوظيف والسكن.
وأشارت لجنة الحريات الدينية الأمريكية إلى الهند باعتبارها “دولة تثير القلق بشكل خاص”، في تقريرها لعام 2025، بسبب الانتهاكات الجسيمة للحريات الدينية.
فقدان الأمل والاغتراب
أظهرت دراسة أجراها “مركز دراسات المجتمعات النامية” أن 44% من الشباب المسلمين تعرضوا للتمييز بسبب ديانتهم، فيما أبدى 47% خوفهم من اتهامات زائفة بالإرهاب.
الدكتور نظام الدين أحمد صديقي، أكاديمي قانوني ومؤسس مشارك لمشروع “مشكاة”، يقول:“ليست المسألة اقتصادية فقط، بل اجتماعية وسياسية ونفسية. المسلمون يشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية في وطنهم”.
الهجرة تتحول من مؤقتة إلى دائمة على عكس الموجات السابقة من الهجرة الاقتصادية المؤقتة، وخصوصاً من ولايات مثل كيرالا وأوتار براديش وتيلانجانا، أصبحت الهجرة اليوم ذات طابع دائم. يقول صديقي:“الناس اليوم لا يهاجرون للعمل فقط، بل يبحثون عن مكان أكثر أماناً لتنشئة أطفالهم”.
من بين مظاهر التمييز التي واجهها، يُشير إلى رفضه في الحصول على سكن للإيجار، والريبة من مظهره، وحتى التردد في أداء الصلاة علناً.
تشريعات مثيرة للجدل
تبنّى حزب “بهاراتيا جاناتا” قوانين تعتبر تمييزية بشكل واضح، مثل:
- قانون تعديل المواطنة (CAA): يمنح الجنسية للاجئين غير المسلمين فقط.
- السجل الوطني للمواطنين (NRC): يُلزم الأفراد بإثبات جنسيتهم.
- القانون المدني الموحد (UCC): يسعى لإلغاء قوانين الأحوال الشخصية الدينية.
كما دعمت الحكومة جماعات هندوسية متطرفة تروّج للكراهية، مثل “راشتريا سوايامسيفاك سانغ” و”باجرانج دال”، التي تورطت في حملات عنف ضد المسلمين.
لحظة مفصلية كانت في هدم مسجد بابري عام 1992، أعقبتها صدمة مضاعفة حين منحت المحكمة العليا الموقع للهندوس عام 2019.
موجة استثمارات في الخارج
يؤكد خواجة محمد، صاحب وكالة سفر في تيلانجانا، أن نحو 30% من طلبات الهجرة التي يتلقونها تأتي من مسلمين، مع تزايد ملحوظ في الاستثمارات في الإمارات وتركيا، ما يعكس رغبة في الاستقرار الدائم.
مع ذلك، يحذر الأكاديمي أبورفاناند جاه من حصر الظاهرة في بعدها الديني، قائلاً:“الهجرة تشمل من يملكون الموارد. المسلمون جزء من هذه الطبقة، ولكنهم ليسوا وحدهم”.
ويضيف أن شعور الشباب الهندي بالإحباط بلغ ذروته: “للمرة الأولى منذ الاستقلال، يبدو أن لا أمل اقتصادياً أو اجتماعياً. الكراهية تملأ الجو العام، فمن يرغب بالبقاء؟”
أمل العودة لا يزال قائماً رغم قسوة الواقع، لا يزال كثير من المهاجرين يحلمون بالعودة. توفيق أحمد، الذي هاجر إلى كندا عام 2020، يقول: “أريد العودة لرعاية والديّ، لكنني لا أستطيع العيش في أوتار براديش التي يحكمها الحزب الحاكم. الحياة هناك تعني الخضوع اليومي للتمييز”.
ويختم الدكتور صديقي قائلاً: “المصالحة ممكنة، لكنها تتطلب إصلاحاً مؤسسياً حقيقياً. لا يمكن تحميل المسلمين وحدهم المسؤولية. على القضاء والأغلبية والمؤسسات الديمقراطية أن تلعب دورها”.
ويستشهد بكلمات المهندس الدستوري الهندي “بي آر أمبيدكار”، الذي حذر من أن فقدان ثقة الأقليات قد يكون مدمّراً، قائلاً: “لقد تزعزعت هذه الثقة.. ويجب إعادة بنائها، ليس فقط من أجل المسلمين، بل من أجل الهند نفسها”.
عربي بوست